سقوط خمسة قتلى في ولاية الجزيرة … وهجمات «الدعم السريع» تفرِّغ قرية من سكانها بالكامل، بل وتستمر تحركاتها لابادة سكان الفاشر «القدس العربي»:
في وقت تتواصل هجمات قوات الدعم السريع على قرى ولاية الجزيرة، وسط السودان، منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلنت لجان المقاومة عن مقتل 5 مدنيين في قريتي “مريود” و”أم دوانة”.
وقالت إن عناصر من القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي” هاجمت قرية مريود ريفي طابت، بغرض النهب والسرقة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين.
وأشارت إلى تعرض قرية “أم دوانة” إلى سلسلة من الهجمات منذ منتصف فبراير/شباط الماضي، قالت إن قوات الدعم السريع مارست خلالها كل أشكال الانتهاكات ضد المدنيين العُزل من سلب ونهب وضرب وترويع وتهديد بالسلاح؛ للحصول على ممتلكات الأهالي.
وبينت أن آخر تلك الهجمات كانت أكثر وحشيةً من سابقاتها، التي أدت إلى مقتل اثنين من شبان القرية.
وقالت إن قرية (تنوب) ريفي طابت، تتعرض منذ الثلاثاء الماضي إلى اجتياح مستمر لمجموعات من “الدعم” بغرض نهب وسرقة ما تبقى من ممتلكات سكان القرية، ما أدى إلى نزوح كل السكان من القرية.
بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي، صارت ولاية الجزيرة وعاصمتها “ود مدني” ملاذاً آمناً لملايين النازحين الفارين من الحرب المندلعة في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
وكانت قوات الدعم السريع قد استولت في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي على “ود مدني” بعد ثلاثة أيام من المعارك مع قوات الجيش.
يأتي ذلك في وقت تحكم قوات الدعم السريع الحصار على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تعتمل داخلها عمليات تحشيد عسكري واسعة.
وحذر حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي، من المعركة الوشيكة في مدينة الفاشر وتبعاتها على مئات الآلاف من الأهالي والنازحين الذين فروا إليها بعد احتدام المعارك في ولايات دارفور الأربع الأخرى.
وقال خلال تصريحات صحافية، أمس الجمعة، أن قوات الدعم السريع قررت “إبادة” سكان الفاشر وتدميرها، من أجل إحكام السيطرة على إقليم دارفور وإعلان حكومتها من هناك.
وأضاف: “إنها قررت إبادة كل من هم خارج منظومة الدعم السريع”، محذراً من تداعيات شق صف المجتمع في دارفور وإذكاء نار الحرب الأهلية.
ودعا إلى اصطفاف الأهالي إلى جانب قوات الحركات المسلحة والجيش، في مواجهة قوات الدعم السريع. وتشهد البلاد عمليات تحشيد قبلي وتجنيد واسع للمدنيين من جانب أطراف القتال، وسط تحذيرات متواصلة من حرب أهلية شاملة.
إلى ذلك، تتوالى قرارات الحكومة بإعلان حالة الطوارئ في عدد من الولايات السودانية، فيما أعلن والي العاصمة الخرطوم أحمد عثمان تشكيل خلية أمنية تتمثل مهامها في رصد الخلايا النائمة ومراقبة ما سمّاها “الحواضن الاجتماعية لقوات العدو”.
ونص أمر الطوارئ رقم 2 للعام 2024 على تكوين الخلية الأمنية بولاية الخرطوم، استناداً على قرار إعلان حالة الطوارئ وقرار لجنة تنسيق شؤون أمن الولاية.
وتختص الخلية الأمنية بجمع المعلومات وتحليلها وتصنيفها والتعامل معها، وتعمل كجهاز إنذار مبكر لبقية القوات النظامية.
وحسب القرار، “تركز الخلية على المعلومات الاستخباراتية والأمنية العاجلة، التي تشكل تهديداً ماثلاً لا يقبل البطء في التعامل معه بالطريقة التقليدية، فضلاً عن رصد الخلايا النائمة والتحري ومراقبة الأشخاص والأماكن والأنشطة التي يشتبه فيها وتفتيش ومداهمة المواقع التي تأكد وجود نشاط عدائي بها، والاستجواب المشترك للمقبوض عليهم”.
وأحال من اعتبرها قضايا تحتاج إلى عمل أمني تقليدي طويل المدى إلى الأجهزة النظامية، بما يتضمن “حركة الحواضن المجتمعية من مناطق وجود العدو إلى مناطق سيطرة القوات المسلحة”، وتعزيز ومساندة عمل القوات النظامية كافة بتنفيذ حملات أمنية نوعية بالتنسيق معها.
وتعمل الخلية الأمنية تحت إشراف اللجنة العليا للتنسيق الأمني والعملياتي وتقوم برفع تقارير دورية لها.
واستنكر القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) شريف محمد عثمان، قرار تشكيل خلية أمنية ومنحها سلطات الاعتقال والتحقيق مع من سمّتها حواضن اجتماعية لـ “الدعم السريع”.
ورأى أن هذا القرار هو من أخطر القرارات التي صدرت خلال الفترة الماضية؛ محذراً من أنه ميز بين السودانيين على أساس إثني ومناطقي، ويمثل تهديداً لهم في حركتهم داخل البلاد وفي مناطق سيطرة القوات المسلحة في العاصمة الخرطوم. كما سمح للأجهزة الأمنية بالتحقيق واعتقال كل من ينتمي إلى تلك المناطق.
وقال: “إن الحرب انحدرت بالفعل إلى ما كانت تحذر منه القوى المدنية”، مضيفاً: “إن شرعنة الانقسام المجتمعي عبر إصدار أوامر حكومية هو مهدد للوحدة الوطنية وسلامة السودانيين”.