العامل الخارجي في حرب السودان.. المرتزقة العابرون للحدود مهدد للأمن الإقليمي والعالمي
بسم الله الرحمن الرحيم
*الحقيقة*
المجلة الإلكترونية الدورية الأولى المتخصصة في توثيق جرائم مليشيا الدعم السريع في السودان لتكون مرجعية للمنظمات والأليات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان في العالم-عدد متخصص.
العامل الخارجي في حرب السودان.. المرتزقة العابرون للحدود مهدد للأمن الإقليمي والعالمي
*العناوين*
▪︎ خبرة أجهزة المخابرات والاستخبارات السودانية أفشلت محاولات تغلغل الجماعات الإرهابية المتطرفة.
▪︎ ظاهرة تصدير المرتزقة إلى السودان تفتح شهية الجماعات الإرهابية للانتشار في العالم .
▪︎ الأبعاد الخارجية للحرب في السودان تعد مهدداً أمنيا وجيوساسيا مرشح للانفجار في أي وقت.
▪︎ التدخلات الخارجية.. زعزعة الأمن وتوسيع دائرة الفوضى.
*تمهيد*
مخطط تفكيك الدولة السودانية وتسليمها لقوى سياسية خاضعة للإملاءت وصاحبة ولاء لأجندة التوسع الإماراتي التي تجد المباركة من بعض دول المحيط الإقليمي والدولي معا ظهرت بصورة جلية مند الأشهر الأولى للحرب حيث سعت مليشيا الدعم السريع المتمردة إلى لاستقطاب المرتزقة الأجانب من دول الجوار العربي والأفريقي وهو أمر وثقته تقارير الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، خاصة بعد الأدلة الدامغة التي قدمها السودان في المحافل الدولية التي شكل فيها حضورا قويا على مستوى إدارة الملفات والتقارير المدعومة بالأسانيد والشواهد وهو ما أثر إيجابا في تفهم الدول التي تتمتع بمستوى التزام جيد تجاه الأمن والسلم الدوليين. فيما أظهرت في ذات الوقت مدى ازدواجية المعايير حتى في مجلس الأمن الدولي، على الرغم من خطورة الأبعاد للحرب في السودان على الاستقرار في المنطقة وتأثيرها الممتد على الأمن الدولي إذ أن السودان يقع بالقرب من مركزين لبؤر الإرهاب في شرق إفريقيا في دولة كينيا التي يوجد بها ميناء ممبسا الذي طل بمثل رئة لأنشطة الجماعات الإرهابية في تمويل أنشطتها غير المشروعة، ومركزا لوجستيا لعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات.
كما أن شمال الصحراء الأفريقية أصبح مركزا نشطا لممارسة الجريمة العابرة ذات الإرتباط المباشر بتمويل الجماعات المتطرفة والإرهابية.
*مسار الهيمنة على استقلال السودان* :
إن مسار الهيمنة على استقلال السودان للقوة اختبر مراحل متعددة اقتضتها ردات الفعل الحاسمة من الشعب السوداني الذي عرف بعدم المساومة على حرية بلاده شأنه في ذلك شأن الشعوب الحرة، فوقف بجانب قواته المسلحة التي استطاعت المضي بثبات وعزيمة في إفشال المخطط وهي تمضي نحو النهايات الحتمية وهى انتصار الشعب على المليشيا الإرهابية وإن لم ترغب بعض الدوائر المستفيدة من تأجيج الصراع في إدراجها ضمن المنظمات الإرهابية حماية لمصالحها.
*تراجع الالتزام الدولي بالتعاون مع حكومة السودان لمكافحة الإرهاب*:
وعلى الرغم من تراجع الالتزام الدولي خاصة الإتحاد الأوروبي وأمريكا في التعاون مع حكومة السودان في مكافحة الإرهاب، إلا أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتبة السودانية لم تدخر وسعا رغم ظروف الحرب من مواجهة تحديات الإسهام في الأمن الداخلي والإقليمي عبر عمليات تأمين ساحلها الغربي بالبحر الأحمر على امتداد أكثر من تمانمئة كلم.
ومن المعروف أن أمن البحر الأحمر هو مسؤولية إقليمية ودولية لما يمثله من أهمية للتجارة العالمية.
كما أن الخبرة التي تتمتع بها أجهزة الأمن والمخابرات والاستخبارات السودانية مكنتها من إحباط كثير من محاولات الجماعات الإرهابية المتطرفة من إنشاء مراكز في الحدود الصحراوية مع ليبيا والنيجر وإن كانت ما تزال الحدود الليبية تشكل مصدرا للمرترقة والإرهابيين إلى اقليم دارفور وهو أمر ثبت تدبيره ورعايته من الإمارات وتقوم بإسناد دور التنفيذ فيه المشير الليبي خليفة حفتر.
*تصدير المرتزقة إلى السودان يفتح شهية الجماعات الإرهابية*:
إن تنامي ظاهرة تصدير المرتزقة إلى السودان للقتال إلى جانب مليشيا الدعم السريع من شأنه أن يفتح شهية الجماعات الإرهابية إذا ظل المجتمع الدولي يحجم عن الوفاء بالتزاماته في مساعدة الحكومة السودانية في القيام بدورها في هذا الشأن خاصة وأن تلك الالتزامات هى نتيجة تعاون مستمر توج باتفاقيات مع الإتحاد الأوروبي وأمريكا.
ولكن واقع الأمر يشير إلى أن عمليات استجلاب المرتزقة مستمر كما أن هناك خبرات نوعية لتدريب أفراد المليشيا على أسلحة متطورة استخدمت في استهداف المدنيين.
وقد أثبتت تقارير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سبتمبر 2025م إستخدام المليشيا للمرترقة ووثقت مشاركتهم فى القتال وكذلك انتهاكات بحق المدنيين كما أثبت تقرير مجلس حقوق الإنسان للعام 2025م مشاركة مرتزقة من تشاد وجنوب السودان.
إلى جانب الإتجار بالبشر والتهربب وتجنيد الأطفال والعمل القسري والاستغلال الجنسي. وهى جرائم متفاقمة تقع على اللاجئين السودانيين والمهاجرين الأفارقة داخل الحدود الليبية.
وفي ذات السياق أشارت تقارير منظمة الهجرة الدولية إلى الحاجة الماسة لتوفير الحماية للاجئين من جرائم العصابات وضرورة توفير الحماية.
وهو وضع كما اسلفنا يشكل بيئة خصبة للجماعات الإرهابية مما يؤكد الحاجة الملحة إلى تعاون دولي وإقليمي أكثر فعالية في مراقبة الحدود بتقديم الدعم التقني لإنهاء مراكز الجريمة العابرة في ليبيا والتي تنشط في الاختطاف والابتزاز والاستغلال الجنسي وهى انتهاكات تعد من الجرائم الخطرة بموجب القانون الدولي والإنساني.
*تغلغل المرتزقة وفتح قنوات مع الجماعات الإرهابية*:
كما أن فرص تغلغل المرتزقة وفتح قنوات مع الجماعات الإرهابية يظل احتمالا قائما خاصة مع وجود أنشطة في استغلال موارد الدولة من الذهب وهي طريقة تمويل سهلة لتمويل الإرهاب في غياب الرقابة الدولية، كما أن خطر تمدد الحرب في السودان يظل احتمالا قائما بحسب المعطيات السابقة خاصة الدول التي تعاني من هشاسة أمنية واحتجاجات مسلحة مثل تشاد وجنوب السودان.
*الجريمة العابرة للحدود*:
إن مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع تشكل ممرات آمنة للجريمة المنظمة العابرة للحدود، كما أنها تحمل كل شروط الجذب للجماعات الإرهابية فثلاثية المرتزقة والذهب والتمويل الإماراتي السخي والدعم اللوجستي تفتح شهية الإرهاب الذي لا يعرف الحدود. وتظل الحقيقة التي وثقتها مؤسسات ذات مصداقية وتمثل طيفا واسعا منظمات دولية ومراصد حقوقية وصحافة أن الدعم المتواصل للمليشيا وتمكينها من الإنفتاح على استجلاب المرتزقة الأفارقة والكولمبيين، وهى مسألة يدل إنكارها على الرغبة في مواصلة توسيع دائرة الحرب إلا أن التحكم بمسارها يبدو أنه آمر من الصعب التنبؤ بمآلاته، فقد ظلت الصحافة العالمية تتقصى أبعاد الحرب بكافة جوانبها وها هي صحيفة الغارديان تتبع مسار أحد المرتزقة الكولمبيين الذي استجلبته الإمارات إلى جانب المئات من مواطنيه من أفراد الجيش الكولمبي المتقاعدين، وروى الجندي للصحيفة التي نشرت التقرير في شهر أكتوبر أنه عمل على تدريب الآلاف من مقاتلي الدعم السريع أغلبهم من الأطفال وأن معظمهم يلقون حتفهم في المعارك.
لقد ساهمت أموال ودعم الإمارات للمليشيا في تشريد ما لا يقل عن خمسة عشر مليون سوداني عن ديارهم، كما دمرت البنية التحتية في معظم المدن السودانية.
إن تصنيف مليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية بما ثبت من أفعالها في استهداف المدنيين العزل بالقتل والتهجير وتفجيرها لمراكز الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وتحطيمها لمراكز الأبحاث العلمية والجامعات والمتاحف، تعد جرائم إرهابية تماثل ما قامت به الجماعات الإرهابية المتطرفة في دول الإقليم والشرق الأوسط، وهو جانب ظلت الحكومة تعمل على تثبيته في كل المحافل الإقليمية والدولية وآخرها مجلس حقوق الإنسان بجنيف حيث خاطب الدورة وعدد موجبات ارهاب المليشيا وجدد الدعوة للمجتمع الدولي بتصنيفها وفقاً لذلك.
وهو مسار حقوقي ودبلوماسي ركز عليه السودان في سبيل رؤيته التي ظل متمسكا بها تجاوب مع كل أطروحات إيقاف الحرب انطلاقا من حرص القيادة على أمن وسيادة الدولة ووحدتها، ودرءا للمخاطر الإرهابية والاتجاهات المتطرفة التي تعد مرتعا خصبا لاستثمار الدول ذات الأجندة التوسعية، وهو مسار ربما يأتي مردوده بطيئا نظرا لتقاطعات المصالح الفاسدة بين بعض القوى العظمى وبعض دول البترول مثل الإمارات.
*دول مهددة بعدم الإستقرار *:
ولكن المسؤولية تقع على عاتق الدول المهددة بعدم الإستقرار بتطوير مجالات التعاون في مكافحة الجريمة العابرة وكذلك التعاون في تطهير بؤر وبيئات الإرهاب.
ويوثق التقرير الذي نشرته صحيفة الغارديان خلال شهر أكتوبر ٢٠٢٥م اعترافات لأحد الكولمبيين المرتزقة وهو ضابط متقاعد ويركز في إفادته للصحيفة على إحداثهم للفرق على مستوى التكتيك العسكري والانضباط في الميدان بخلاف ما وجد عليه حال قوات المليشيا، وهو ما يشير إلى رغبة الدول الداعمة للحرب في توسيع نطاقها عن طريق تجنيد مرتزقة تتمتع بقدرات قتالية احترافية، فضلاً عن خطوط الإمدادات المفتوحة من دول الجوار التي ليست لديها القدرة أو الرغبة في مقاومة الضغوط والإغراءات الاقتصادية من دولة الإمارات التي تورطت في الحرب لدرجة الدفع ببعض ضباطها لتنسيق العمليات اللوجستية وتأمين استمرار تدفق المرتزقة.
*تقصي الحقائق*:
وكان تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان أشار إلى جرائم ضد المدنيين واعتراض ونهب المساعدات الإنسانية وهي ذات الجرائم التي جادلت بها بعثة السودان في مجلس الأمن الدولي مدعومة بالوثائق والأدلة على إرتكاب مليشيا الدعم السريع لتلك الانتهاكات ومن وراءها الإمارات حيث ذكر تقرير الأمم المتحدة أن معسكرات النازحين التي تقع ضمن مناطق سيطرة المليشيا من اغتصاب واغتصاب جماعي والخطف والعبودية الجنسية والزواج القسري.
*الأمن الإقليمي والدولي*:
كما أتى التقرير على استهداف المستشفيات في الفاشر والأبيض وحصار المرافق الطبية وهو ما ظلت تكرره بعثة السودان بالأمم المتحدة ومجلس الأمن وتطالب باتخاذ التدابير لحماية الأمن الإقليمي والدولي وهى جرائم يبقى نزوح ما لا يقل عن خمسة عشر مليون نازح لجأوا إلى مناطق سيطرة الجيش هربا من الاستهداف دليلا دامغا على إرهاب المليشيا بتفاقم بالتدخل الخارجي، كما ذكر عضو البعثة محمد شاندي ضمن حيثيات أخرى أن تدخل جهات أجنبية من أسباب تفاقم الوضع، كما أشارت زميلته منى رشماوي إلى أن الوضع بالسودان شمل جرائم دولية تلطخ سمعة جميع المتورطين فيها.
*مرشح للانفجار*
إن الأبعاد الخارجية للحرب في السودان تعد مهدداً أمنيا وجيوساسيا مرشح للانفجار في اي وقت من واقع ان إقليم شرق إفريقيا وشمال الصحراء مليئة بالنزاعات المسلحة التي لا تنطفئ إلا لتعود أشد إضراما فهاهي المؤشرات على إمكانية تجدد الصراع الإريتري الإثيوبي قرب الحدود السودانية في أي وقت، وهو صراع يمكن أن يؤدي انفجاره إلى زعزعة الإقليم بأكمله خاصة في ظل الأبعاد العرقية للصراعات والتي تتمحور حول السلطة والثورة، وهذه الجبهة لها تأثيرات ممتدة على أمن البحر الأحمر والداخل الأفريقي الذي تفرخت فيه خلال العقدين الآخرين الكثير من الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تجد ضالتها في مناطق الهشاشة الأمنية كما أنها تمهد للتدخلات الأجنبية التي تستثمر في مثل هذه الأوضاع المواتية لتدعيم رغبات غير مشروعة في فرض النفوذ والهيمنة.
وبكاد الوضع ينطبق على دولة جنوب السودان المنهكة من الصراعات الداخلية ووجود جماعات إثنية مسلحة تترقب الفرصة المناسبة لإنهاء حكم الإثنيات المسيطرة على الحكم، إن هذه التعقيدات ربما تفرض واقعا جديدا يجد المجتمع الدولي إنه مضطر للتعامل معه بجدية ويدرك أن تجاهل المخاطر التي ظل يحذر منها السودان بسبب الجريمة العابرة والمنظمة والتدخلات الأجنبية بالسلاح والمرتزقة والدعم اللوجستي والمالي، ليست محاولة لإنهاء تمرد المليشيا لأجل فرض واقع سياسي محدد وإنما هى محاذير عالية الخطورة بناء على خبرة طويلة ترتكز عليها الأجهزة الأمنية السودانية في مجال مكافحة الجريمة العابرة والإرهاب عبر التعاون مع أمريكا والاتحاد الأوروبي توج بإفشال الكثير من العمليات الإرهابية وساعد في تدمير حواضن الجماعات الإرهابية.
*طريق السلام بإزاحة المليشيا *:
تظل قدرة القوات المسلحة السودانية وبإمكانيات الشعب السوداني الذي ما ينفك يؤكد يومياً أن الطريق إلى السلام يمر بإزاحة المليشيا الإرهابية وأن حسم المعركة مسالة وقت، إلا إن تداعيات هذا الصراع ستظل ترهق المحيطين الإقليمي والدولي اللذين تؤكد الشواهد موقفهما السلبي إن لم نقل غل ايديهما عن القيام بدور في ردع الدول التي تدعم توسيع نطاق الحرب.
ويعزز تقرير اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان السياقات الموثوقة من قبل بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق وتقارير حكومة السودان وتقارير الصحافة العالمية في حصرية ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية المتعلقة بالتهجير القسري لملايين المواطنين، وقتل المدنيين العزل واستهداف بنية الخدمات الأساسية والتجنيد القسري للأطفال والجرائم الجنسية بأشكالها كافة.
*التدخلات الخارجية وزعزعة الأمن*:
- إن حرص حكومة السودان في أعلى مستوياتها ممثلة في رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان على قيادة التواصل الدبلوماسي الثنائي مع دول الجوار والاقليم لأجل التعاون في مجالات التعاون المفضي لسد الطرق التي تتسرب منها التدخلات الخارجية المزعرعة للأمن بالمنطقة والاقليم، وكذلك المجهودات الدبلوماسية التي يقودها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق مالك عقار في عمق القارة الأفريقية تظل تؤكد سعي السودان الحثيث والاستراتيجي لترسيخ مبادئ الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي. ذلك إلى جانب قوة لغة الخطاب الدبلوماسي الذي اتسمت به مخاطبة رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل إدريس في الدورة الأخيرة للأمم المتحدة بنيويورك حيث جدد التأكيد على أن الصمت على جرائم المليشيا وهي ترتكب الجرائم بحق المدنيين وتهدم البنية التحتية وتمارس التهجير هو بمثابة ضوء أخضر لمواصلة تلك الجرائم.