تجارة المخدرات العابرة للحدود أداة لتمويل مليشيا الدعم السريع عبر شبكات إقليمية متهمة باستخدام القصر والأطفال عبر الإدمان
:
بحسب تقارير ميدانية نقلها موقع دارفور24 ووسائل إعلام أخرى، توسعت زراعة “البنقو” في مناطق دارفور وشمال كردفان الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، لتصبح تجارةً منظمة بإشراف ميداني من قادة محليين يتبعون للمليشيا.
لكن التمويل الحقيقي لم يأتِ من داخل السودان وحده، بل من شبكات تهريب ليبية وتشادية تدير خطوطاً لوجستية تمتد من جنوب ليبيا إلى عمق دارفور. هذه الشبكات لا تكتفي بتهريب المخدرات، بل تتاجر بالبشر أيضًا، إذ تجند أطفالاً ومراهقين مقابل المال أو بجرعات من المخدرات تُعطى لهم كوسيلة “تحفيز” قبل الزجّ بهم في المعارك.
شبكات عابرة للحدود ومالٌ قذر يغذي الحرب
تشير تقارير ميدانية ومصادر أمنية متعددة إلى أن مليشيا الدعم السريع تموّل جزءًا كبيرًا من أنشطتها العسكرية واللوجستية عبر شبكات تجارة المخدرات العابرة للحدود، خصوصًا تلك الممتدة بين ليبيا وتشاد والسودان.
هذه الشبكات تنشط منذ سنوات في تهريب الحشيش والكوكايين وحبوب الكبتاغون عبر طرق صحراوية معقدة، وأصبحت تشكّل مصدر دخل رئيسي للمليشيا التي فقدت سيطرتها على موارد الذهب والموانئ بعد اندلاع الحرب.
اعتمدت قيادة الدعم السريع على علاقات قديمة مع تجار ومهربين ليبيين وتشاديين منهم محمد السيفاوي بالكفرة الليبية وعناصر من معارضة الحكومة التشادية، لتأمين الإمدادات وتمويل شراء السلاح والوقود. وفي المقابل، تُمنح هذه الشبكات حرية الحركة داخل الأراضي التي تسيطر عليها المليشيا، مما جعل مناطق دارفور وشمال كردفان محاور رئيسية في تجارة المخدرات الإفريقية والتي تخدم تجار ولوردات حروب في المثلث الرابط بين الدول ويؤثر على الأمن الاقليمي للمنطقة .
السمّ في جيوب القادة
في يناير الماضي، أعلنت المخابرات العامة السودانية عن ضبط مصنع لمخدر الكبتاغون شمال الخرطوم تديره عناصر من الدعم السريع. المصنع احتوى على أكثر من 300 ألف حبة جاهزة للتوزيع، وأجهزة ضغط وتغليف حديثة.
التحقيقات بيّنت أن جزءاً من الإنتاج كان يُرسل إلى مناطق العمليات، والجزء الآخر يصدر ويُباع في الأسواق الافريقية، في ما يشبه “اقتصاد السمّ”.
وتقول مصادر أمنية أخرى إن العائدات تُستخدم مباشرة في شراء السلاح والوقود، بينما تُمنح كميات مجانية من الحبوب لعناصر المليشيا الميدانيين، خصوصاً الجدد منهم أو من تم تجنيدهم قسراً.
كما أن قادة المليشيا يقومون بانشاء مصانع خاصة للكبتاجون والايس كريستال ويقومون بترحيله وتصديره عبر البر والجو للسوق الافريقي بغرض تمويل انشطة الفتال ، والثراء الشخصي وقد شوهدت عدة شحنات من مزارع للبنقو مملوكة لبعض قيادات المليشيا في دارفور وهي تعبر الحدود بحراسة عربات المليشيا .
أطفال تحت تأثير المخدرات.. وقودٌ رخيص لحربٍ قذرة
الأخطر من ذلك، أن المليشيا تستخدم المخدرات كأداةً للسيطرة على مقاتليها. فقد كشفت شهادات ميدانية أن كثيرًا من المجندين – خصوصًا من القُصَّر والمرتزقة الأجانب – يُزوَّدون بجرعات من المخدرات قبل وأثناء المعارك، لتحفيزهم على القتال وكبح الخوف والإرهاق. هذا السلوك يعكس استغلالًا بشعًا للإنسان، ويحوّل المقاتلين إلى أدوات مدمّرة بلا وعي، ما يزيد من فظاعة الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين.
وفي هذا السياق تحصلنا على افادات من ” مركز العاشرة للتاهيل النفسي ” بأمدرمان روى فيها جندي في صفوف المليشيا يدعى حميدان وهو تشادي الأصل انهم استجلبوا من تشاد عبر وكالة مملوكة لجنرال تشادي مقرب من عرب دارفور وان استجلابهم تم بواسطة شاحنات كبيرة بها مختلف انواع المخدرات ، وان الوكيل اخبرهم بانهم ذاهبون للقتال في السودان بغرض القتال والغنيمة وانهم سيدفعون لهم ١٠ الف دولار عند انجاز المهمة واعطوهم كمية كبيرة من المخدرات وحبوب الهلوسة ، واضاف ان القوات المسلحة اعتقلتهم بعد تحرير الاذاعة واخضعتهم لفحوص الادمان وهي تقوم بعلاجهم حالياً تمهيداً لتسليمهم للجهات المختصة .
ايضاً هناك افادة بثتها قناة الجزيرة لمجند من دولة جنوب السودان ضبطته القوات المسلحة أكد فيها انهم لم يكونوا يمنحون أي مال ، لكن المخدرات كانت توزع على طوال ساعات اليوم بصورة مجانية .
وافاد حسن سلام وهو تشادي الجنسية اعتقلته القوات المسلحة بعد تحرير الإذاعة انه استجلب عن طريق وكالة السيفاوي في جنوب ليبيا مع شحنة مخدرات كيميائية عبرت الى الحدود السودانية واستقرت في نيالا وتم توزيعها على عدد من قادة المليشيا .
إن تمويل الحرب عبر تجارة السموم ليس مجرد انتهاك قانوني، بل جريمة مزدوجة فهي تدمير للمجتمع السوداني من الداخل عبر نشر الإدمان، وتهديد للأمن الإقليمي بربط السودان بشبكات الجريمة المنظمة لذا فتفكيك هذه الشبكات يمثل خطوة أساسية في طريق إنهاء الحرب.