تقرير للغارديان حول معتقلات مليشيا الدعم السريع بالخرطوم يسلط الضوء على مقتل رائد الأعمال السوداني الوليد عابدين الذي توفى بعد تعذيبه الى ان فقد ملامحه
تقرير للغارديان حول معتقلات مليشيا الدعم السريع بالخرطوم يسلط الضوء على مقتل رائد الأعمال السوداني الوليد عابدين الذي توفى بعد تعذيبه الى ان فقد ملامحه:
«لم يتعرف عليه أحد، حتى عندما قال اسمه»: آخر فيديو للوليد عبديـن يكشف فظائع معسكرات التعذيب في السودان
ترجمة عن تقرير كامل أحمد – الغارديان، الأربعاء 9 أبريل 2025
الجزء 1/3
«لم يتعرف عليه أحد، حتى عندما قال اسمه»: آخر فيديو للوليد عابديـن يكشف فظائع معسكرات التعذيب في السودان
ترجمة عن تقرير كميل أحمد – الغارديان، الأربعاء 9 أبريل 2025 – الساعة 10:00 بتوقيت بريطانيا الصيفي
في آخر مقطع فيديو للوليد عابديـن، صُوِّر داخل مدرسة تحولت إلى سجن واحتُجز فيها لمدة ستة أشهر، بدا هزيلًا لدرجة أن أصدقاءه بالكاد تعرفوا عليه – حتى عندما نطق باسمه أمام الكاميرا التي كان يحملها منقذوه.
كان عابديـن، البالغ من العمر 35 عامًا، مستلقيًا على أرضية متسخة وهو يتحدث، وقد برزت عظامه من تحت جلده بعد أشهر من الاحتجاز والتعذيب على يد مليشيا الدعم السريع، التي كانت تسيطر على معظم العاصمة السودانية الخرطوم حتى أواخر مارس.
التقط هذا الفيديو جنود من الجيش السوداني، وكان من بين العديد من المقاطع التي سُجّلت أثناء تحرير المدينة من قبضة المليشيا، والتي كشفت عن قبور وسجون وأوضاع مأساوية عاشها كثير من السكان تحت سيطرة الدعم السريع.
يقول محمد عوض، أحد جيران الوليد: “بصراحة، صُدمت مما رأيته في ذلك الفيديو – لم أصدق عيني، فقد كان جسده نحيلًا إلى درجة مرعبة بسبب الجوع والمرض والتعذيب الذي تعرض له. من يستطيع أن يُعذّب ويقتل إنسانًا مسالمًا مثل الوليد بهذه الوحشية هو شخص بلا دين، بلا أخلاق، بلا إنسانية.”
مثل عابديـن، بقي عوض في حي أركويت الراقي رغم وقوعه تحت سيطرة المليشيا، حيث استولى قادة الدعم السريع على المنازل المهجورة لاستخدامها كمقرات لهم أو لتخزين الأسلحة.
الوليد عابديـن، 35 عامًا، توفي بعد أشهر من الاحتجاز والتعذيب على يد مليشيا الدعم السريع.
الفيديو ليس جزءا من المقال ، أدرجته للمعلومية
بقي عابديـن لأنه لم يشأ مغادرة والديه المسنّين اللذين رفضا الرحيل. وكان قد تم اعتقاله لفترات وجيزة عدة مرات من قبل المليشيا منذ اندلاع الحرب بين الدعم السريع والجيش في أبريل 2023، قبل أن يختفي تمامًا في أكتوبر 2024.
يقول عوض إنه لا يعرف كيف تم أسر عابديـن، لكن العديد من السكان أُخذوا أثناء محاولتهم الوصول إلى الأسواق لجلب الطعام.
وفي الشهر الماضي، أفادت صحيفة “سودان تريبيون” أن 50,000 شخص قد تم إخفاؤهم قسرًا على يد مليشيا الدعم السريع خلال الحرب، وفقًا لبيانات المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات.
قال عوض إن من بقي في الخرطوم واجهوا صعوبات في الحصول على الغذاء والماء والكهرباء والرعاية الصحية، بعد أن سيطرت المليشيا على المرافق الطبية. هذه الظروف تسببت في وفاة والدة عابديـن أثناء فترة احتجازه.
يضيف عوض: “لقد اعتقلوا المواطنين بوحشية وعذبوهم دون أي اعتبار لحقوقهم، خاصة في حي أركويت. لم تكن بيوتنا ولا نساؤنا في مأمن. كانوا يهددون بالسلاح ليسرقوا وينهبوا ويضربوا ويُسيئوا.”
تم تصوير فيديو عابديـن أثناء احتجازه في منطقة جبل أولياء، على الطريق المؤدي جنوبًا من الخرطوم. وفي مقطع آخر من نفس المنطقة، يظهر الجندي ذاته موثقًا جثثًا، ويقول إنها ماتت جوعًا وعطشًا.
عناصر من مليشيا الدعم السريع في شوارع الخرطوم في يناير 2020. سيطروا على معظم أجزاء المدينة حتى مارس 2025.
لاحقًا، أُعلن عن وفاة عابديـن في المستشفى، مما أثار موجة حزن واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي السودانية، نظرًا لشعبيته في المدينة، حيث كان شخصية معروفة ومحترمة.
كان عابديـن يُعد من أبرز وجوه ريادة الأعمال في السودان، حيث شارك في تأسيس النسخة الخرطومية من تيد توكس ومراكز الابتكار مثل “249 Startups” التي دعمت رواد الأعمال الشباب. كما حصل على زمالات للدراسة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
تقول داليا يوسف، التي كانت تعتبره مرشدًا لها في مجال الأعمال: “أريد أن تظل في ذهني صورة الوليد التي أتذكرها.” وتضيف: “كان رجلًا طيبًا وكريمًا، دائم الاستعداد لمساعدة الآخرين، وقد فعل ذلك من خلال دعمه لرواد الأعمال السودانيين، ليس فقط في العاصمة، بل أيضًا في المناطق المهمشة مثل دارفور. كان شغوفًا بما يقوم به، وأيضًا بما يفعله الآخرون. لذلك كان دائمًا يسعى ليس فقط لتطوير نفسه، بل لتمكين الآخرين من التطور معه.”
ريم جعفر، جارة عابديـن التي تعرفت عليه في ورشة فنية، تقول إن وفاته جعلت واقع العنف الذي يعيشه الناس في السودان أكثر قربًا وألمًا. كانت تأمل أنه قد تمكن من الفرار من المنطقة، كما فعل كثيرون من سكان أركويت.
في البداية، رفضت ريم مشاهدة فيديو السجن، لأنها كانت تتجنب هذا النوع من المقاطع طيلة فترة الحرب. لكن أختها أخبرتها أن الرجل الذي يظهر في الفيديو هو أحد جيرانهم.
تقول ريم: “صرخت. كنت في حالة صدمة، أمي دخلت غرفتي مسرعة. الصدمة كانت في رؤيته بهذا الشكل، أن نعلم أنه طوال هذا الوقت كان في تلك الحالة.” وتضيف: “كنا نعيش حياتنا بشكل طبيعي، بينما هو كان في وضع مروّع، معتقل، يتضور جوعًا. لم يتعرف عليه أحد في ذلك الفيديو، حتى وهو يذكر اسمه. بدا وكأننا ننظر إلى رجل مسن ومريض.”
وتتابع: “أشعر بالخجل، لأنني أعلم أن هذا حدث لآلاف الأشخاص، وبعضهم في أوضاع أسوأ، ومن بينهم نساء، لكن عندما ترى ذلك يحدث لشخص تعرفه، يصبح الأمر مختلفًا تمامًا.”
الوليد عابديـن بعد تخرجه من جامعة لانكاستر في المملكة المتحدة، التي منحت له منحة دراسية للدراسة.