تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) يروي قصصًا مؤثرة من داخل مدينة الفاشر المحاصرة

0

 

حيث وثّقت حفصة، شابة تبلغ من العمر 21 عامًا، لحظة مقتل والدتها وتحوّل حياتها بالكامل تحت الحصار، وسط القصف والجوع والمسؤولية عن أشقائها. كما ينقل معاناة مصطفى ومنهل، اللذين تطوّعا لمساعدة النازحين رغم الخوف وانعدام الأمان.

وقد حاولت مليشيا الدعم السريع خلال زيارة فريق BBC إلى الجنينة أن تخدع الصحفيين عبر تزييف صورة الحياة هناك، بتنظيم جولات في أسواق مفتعلة وتلقين الناس ما يقولونه، في محاولة لتقليد مشاهد الحياة الطبيعية في المناطق المحررة. لكن صحفيو BBC، بخبرتهم وحرصهم على نقل الحقيقة، استطاعوا كشف التمثيلية وملاحظة التوتر والرقابة المفروضة على الأهالي، ما جعل التقرير يعكس الواقع كما هو، لا كما أرادته المليشيا.

 

مقتطفات

تصف حفصة البالغة من العمر 21 عامًا كيف وجدت نفسها فجأة مسؤولة عن شقيقها البالغ من العمر خمس سنوات، وشقيقتيها المراهقتين.

سقطت قذيفة على السوق الذي ذهبت إليه والدتها لبيع بعض الأدوات المنزلية. “الحزن أمرٌ صعب جدًا، لا أستطيع حتى الآن زيارة مكان عملها”، تقول حفصة في أحد أولى رسائل الفيديو التي أرسلتها بعد حصولها على الهاتف، بفترة قصيرة بعد وفاة والدتها.
“أقضي وقتي في البكاء وحدي في المنزل.”

 

“كل شيء انقلب رأسًا على عقب. معظم منازل حيّنا تم نهبها”، يقول، محمّلًا مليشيا الدعم السريع المسؤولية.

 

“لا يوجد مكان آمن في الفاشر”، يقول. “حتى مخيمات اللاجئين تُقصف بالقذائف المدفعية. ”

 

لكن والدها رفض مغادرة المنزل. إذ كان بعض الجيران قد سلّموه ممتلكاتهم لحمايتها، فاختار البقاء لحراستها – قرار كلفه حياته.
تقول إن والدها قُتل بقصف مدفعي شنّته مليشيا الدعم السريع في سبتمبر 2024.

 

في الفاشر ، الأشخاص الذين يملكون ألواحًا شمسية أو بطاريات يخشون تشغيل الإضاءة لأنهم “قد يُرصدون بواسطة الطائرات المسيّرة”، كما توضح منهل.

 

إحدى نساء المساليت اللاتي التقيتهن في مخيم للاجئين عبر الحدود في تشاد، روت كيف تعرّضت للاغتصاب الجماعي على يد عناصر من مليشيا الدعم السريع، ما جعلها غير قادرة على المشي لمدة قاربت الأسبوعين. فيما ذكرت الأمم المتحدة أن فتيات لا تتجاوز أعمارهن 14 عامًا تعرضن للاغتصاب.

 

واجهنا مليشيا الدعم السريع بهذه الاتهامات، لكنها لم ترد. لكنها في السابق أنكرت أي تورط في عمليات تطهير عرقي في دارفور، مدّعية أن الجناة ارتدوا زيّها العسكري لإلصاق التهمة بها.

 

تم تعيين مرافقين لنا من مكتب الحاكم، ولم يُسمح لنا إلا برؤية ما أرادوا هم أن نراه.

وادّعى أن مدينة الجنينة أصبحت الآن آمنة، وأن معظم سكانها – “حوالي 90%” على حد قوله – قد عادوا إليها. وأضاف: “المنازل التي كانت فارغة سابقًا أصبحت مأهولة من جديد.” لكن الحقيقة على الأرض كانت مختلفة.

تم تعيين مرافقين لنا من مكتب الحاكم، ولم يُسمح لنا إلا برؤية ما أرادوا هم أن نراه.

اصطحبونا إلى سوق خضروات مزدحم، حيث بدأت بطرح أسئلة على الناس عن حياتهم.
وفي كل مرة كنت أطرح فيها سؤالًا، كنت ألاحظ أن الشخص ينظر بسرعة إلى المرافق الواقف خلفي قبل أن يجيب بأن “كل شيء على ما يرام”،

قال: “لقد طوينا صفحة الماضي بشعار السلام والتعايش وتجاوز مرارة الماضي”، مضيفًا أن أرقام الضحايا الصادرة عن الأمم المتحدة “مبالغ فيها”. وبعد نحو أسبوعين من حديثي معه، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه، مؤكدًا أنه “يتحمّل مسؤولية في الهجوم المميت” على سلفه،

نظرًا للتباين الصارخ بين الرواية التي يروّج لها من يسيطرون على مدينة الجنينة، وتلك القصص التي لا تُعدّ ولا تُحصى والتي سمعتها من اللاجئين عبر الحدود، يصعب تخيّل أن يعود الناس يومًا إلى ديارهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.