مقال بصحيفة التلغراف البريطانية تحت عنوان: مرتزقة كولومبيون يقاتلون لصالح المتمردين في السودان
:
الكاتب بن فارمر
شوهد ما يصل إلى 400 من “ذئاب الصحراء” داخل معسكر زمزم في دارفور، مركز الأزمة الإنسانية التي تعصف بالبلاد المنكوبة بالحرب.
يقاتل مرتزقة كولومبيون إلى جانب المتمردين السودانيين في معسكر لاجئين يعاني من المجاعة في السودان.
وقالت السلطات المحلية إن مقاتلين من كولومبيا، الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية، شوهدوا داخل معسكر زمزم في دارفور، والذي استولت عليه مليشيا الدعم السريع المتمردة في أبريل الماضي.
ويضم معسكر زمزم مئات الآلاف من النازحين بسبب الحرب الأهلية في السودان، ويُعد مركزًا للأزمة الإنسانية التي تجتاح البلاد، وكان قد خضع العام الماضي لإعلان نادر من المجتمع الدولي بشأن المجاعة.
وقال محمد خميس دوُدة، المتحدث باسم إدارة المعسكر، لصحيفة سودان تريبيون: “لقد شهدنا بأعيننا جريمتين مزدوجتين: تهجير أهلنا في أبريل الماضي على يد مليشيا الدعم السريع، والآن احتلال المعسكر من قبل مرتزقة أجانب”.
وصف دوُدة مشاهدته لمجموعات مسلحة تتحدث الإسبانية تتحرك بحرية “بين أنقاض المنازل وجثث الضحايا غير المدفونة”.
وكان الجيش السوداني قد بث في وقت سابق مقطع فيديو، يُقال إنه تم العثور عليه في هاتف أحد القتلى، ويُظهر فيما يبدو مرتزقة يتحدثون الإسبانية داخل المعسكر.
وذكرت وسائل إعلام كولومبية أن نحو 400 جندي سابق تم توظيفهم في السودان ضمن كتيبة تُعرف باسم “ذئاب الصحراء”.
وقال مُبلغون من داخل المجموعة إنهم تم تجنيدهم عبر شركة أمنية إماراتية خدعتهم، وأخبرتهم أنهم سيؤمّنون منشآت نفطية.
لكنهم وجدوا أنفسهم بدلًا من ذلك في الخطوط الأمامية لحرب مستمرة منذ أكثر من عامين.
وقد اندلعت المعارك بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع في أبريل 2023 بعد خلاف بين الحليفين السابقين بشأن خطط دمج قواتهما.
ويقع معسكر زمزم على بعد سبعة أميال فقط من مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور.
وكانت مليشيا الدعم السريع قد حققت مكاسب سريعة في وسط السودان، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، مع بداية الحرب، لكن الجيش دفع بها غربًا هذا العام، مما أدى إلى اشتداد القتال في الفاشر.
وفي حال سقطت المدينة، فإن مليشيا الدعم السريع ستسيطر على كامل دارفور تقريبًا — الإقليم الشاسع الذي يحد ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان — مما يمهد الطريق لما يصفه المحللون بأنه قد يكون انقسامًا فعليًا للسودان.
وقد تحولت الحرب إلى ساحة صراع مفتوح بين قوى إقليمية متنافسة، وتُتهم الإمارات العربية المتحدة بتسليح ودعم مليشيا الدعم السريع، بدافع مخاوفها من الإسلاميين داخل الجيش السوداني.
لكن الإمارات تنفي دعمها لمليشيا الدعم السريع.
إن التحقيقات التي تكشف عن تورط مرتزقة كولومبيين في القتال إلى جانب مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) لا تُعدّ فقط دليلًا إضافيًا على حجم التدخل الأجنبي في الحرب المفروضة على السودان، بل تفضح بشكل لا لبس فيه زيف السردية التي يحاول البعض الترويج لها، والتي تساوي بين الجيش السوداني – المؤسسة الوطنية التي تدافع عن وحدة البلاد وسيادتها – وبين مليشيا متمردة مدعومة من الخارج، تمارس النهب والترويع والاغتصاب والتجنيد القسري.
وجود مقاتلين أجانب تم استقدامهم من قارات بعيدة، وتدريبهم وتسليحهم من قبل جهات إقليمية، لا يمكن أن يُفهم إلا ضمن مشروع استعماري واضح المعالم، هدفه تمزيق السودان وتقويض دولته. أما محاولة وضع القوات المسلحة السودانية، التي تتصدى لهذا المشروع، في كفة واحدة مع هذه المليشيا، فليست سوى مشاركة – واعية أو غير واعية – في هذا المخطط.
إن هذه الحقائق تُلزِم كل من يملك ضميرًا وموقفًا أخلاقيًا بأن يتوقف عن ترديد شعارات “الحياد الزائف” و”التوازن المصطنع”، وأن يسمي الأشياء بأسمائها: السودان يتعرض لغزو بالوكالة، والمليشيا المعتدية مدعومة بمرتزقة أجانب وسلاح وتمويل خارجي، والجيش السوداني يدافع عن شعبه.
الوقائع الآن تتكلم بوضوح، ومن يصمت أو يساوي بين المعتدي والمدافع، فهو لا يقف على الحياد، بل
في صف الجلاد.
نرجو من جميع المنصات والناشطين والإعلاميين السودانيين والأحرار في كل مكان، العمل على نشر التحقيقات والوثائق التي كشفت تورط مرتزقة كولومبيين في القتال إلى جانب مليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، ونشرها بكثافة على أوسع نطاق … ولا تحقرن من المعروف شيئا ..