تحقيق للغارديان البريطانية: عدد قتلى هجوم مليشيا الدعم السريع على مخيم زمزم للاجئين بالسودان

0

تحقيق للغارديان البريطانية: عدد قتلى هجوم مليشيا الدعم السريع على مخيم زمزم للاجئين بالسودان في أبريل الماضي تجاوز “1500” من النساء والأطفال والشيوخ والكوادر الطبية:

#سلطة_الإمارات_تدعم_الإرهاب

يسرد التحقيق، بدقة مؤلمة، تفاصيل واحدة من أبشع الجرائم التي شهدها السودان منذ اندلاع الحرب: مجزرة معسكر زمزم للنازحين.
يعتمد التقرير على شهادات ناجين، وصور أقمار صناعية، ومصادر استخباراتية، ليعيد بناء المشهد الكامل لما جرى خلال أيام من الرعب في أبريل 2025، عندما اجتاحت مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) المعسكر وارتكبت جرائم ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

يسلط التحقيق الضوء على حجم الوحشية: إعدامات ميدانية بحق المدنيين، اغتصاب النساء والفتيات، قصف متواصل، واستخدام طائرات مسيّرة لاستهداف الطرق التي يفرّ منها السكان. كما يتتبع مصير الممرضة الشابة هنادي، التي تحولت إلى رمز للمقاومة الإنسانية قبل أن يتم اغتيالها بدم بارد.

<>

في المقابل، يكشف التحقيق صمت المجتمع الدولي، لا سيما الحكومة البريطانية، التي لم تحرك ساكنًا رغم تزامن المجزرة مع انعقاد مؤتمر دولي للسلام حول السودان في لندن. لم يُذكر اسم زمزم في أي بيان رسمي، رغم التحذيرات المسبقة، ورغم أن المملكة المتحدة تُعتبر الجهة المسؤولة عن ملف السودان في مجلس الأمن.

كما يتناول التحقيق دور الإمارات العربية المتحدة، الحليف الاقتصادي الوثيق لبريطانيا، والمتهم الأبرز بتمويل وتسليح مليشيا الدعم السريع. ويطرح تساؤلات أخلاقية حادة حول أولوية المصالح الاقتصادية على حساب أرواح الأبرياء.

<>

<>

هذا التحقيق ليس مجرد توثيق لمجزرة، بل شهادة على تواطؤ الصمت الدولي، وعلى كيف يمكن للعالم أن يشيح بوجهه عن الإبادة، حين لا تتماشى الحقائق مع مصالحه.

مقتطفات:

📌بينما كانت المملكة المتحدة تستعد لاستضافة قمة عالمية بشأن تحقيق السلام في السودان، بدأت مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) مجزرة وصفت بأنها “إبادة جماعية” في معسكر زمزم للنازحين. لكن حين بدأت التقارير عن المجازر بالظهور، التزمت لندن الصمت. لأول مرة، وبالاعتماد على تقارير استخباراتية وشهادات شهود عيان، نكشف ما جرى في مجزرة أبريل – ولماذا لم يتم إيقافها.

📌ان البعض يعتقد أن المليشيا قد تتراجع. حتى لمجموعة متهمة بارتكاب إبادة جماعية، بدا لهم أن زمزم هدف سهل للغاية. فعدد سكانه البالغ 500,000 – أغلبهم من النساء والأطفال – كانوا شبه معدومي الدفاع. بل وكانوا على شفا الموت جوعًا.
📌يقول محقق تابع للأمم المتحدة في جرائم الحرب، طالبًا عدم الكشف عن اسمه: “داخل زمزم ستجد واحدة من – إن لم تكن – أكثر الفئات ضعفًا على وجه الأرض.”

📌اقتحمت أربع سيارات تويوتا هايلوكس تابعة لمليشيا الدعم السريع بوابة مجمع العيادة بالقوة. كانت بخيت تراقب المشهد، حيث هرع الطاقم الطبي إلى جحور تحت الأرض – ملاجئ حفرها السكان مسبقًا للنجاة من القصف المدفعي. خمسة من العاملين انزلقوا داخل أحد الجحور، وأربعة في الآخر.

صرخ أحد المقاتلين: “اطلعوا يا فالنقايات!” (كلمة مهينة تعني العبيد).

📌تقول حفصة، شاهدة أخرى: “طلبوا من الآخرين أن يستلقوا على ظهورهم. ثم أعدموهم.”

📌أُصيب طفلها البالغ من العمر خمس سنوات في ظهره. تقول فاطمة بخيت: “سقطت أجزاء من جسده بين يديّ.”

📌شاهدت بخيت ما لا يقل عن 15 طفلًا ورجلًا يُساقون إلى الخارج. قالت: “أوقفوهم في صف وأعدموهم جميعًا بالرصاص.”

📌وعند تجميع الروايات، يتضح أن ما جرى كان عملية ذبح ذات طابع عرقي واسعة النطاق، لدرجة أن الهجوم على زمزم يُرجح أن يكون ثاني أكبر جريمة حرب في النزاع السوداني الكارثي، بعد مجزرة مماثلة وقعت في غرب دارفور قبل نحو عامين.

📌لجنة تم تشكيلها للتحقيق في العدد الحقيقي حدّدت حتى الآن أكثر من 1,500 حالة وفاة.

📌تم تحديد الممرضة هنادي كهدف أولوية. فقد أغضب كبار قادة المليشيا مقطع فيديو ظهرت فيه الممرضة الشابة تناشد سكان زمزم الصمود وعدم الفرار.

تم التخطيط لعملية غير عادية لاغتيالها، تضمنت عملاء سريين، ورشاوى، وقَتَلة بملابس مدنية.

قالت مناهل، صديقتها: “هم يكرهون النساء. خصوصًا أولئك اللواتي يواجهنهم.”

📌قبل ذلك بشهر، كان محللون من جامعة ييل قد قدموا تحذيرًا مباشرًا للمجلس بشأن الخطر الذي يهدد زمزم، وكان هذا واحدًا من خمسة تحذيرات وجهوها بشكل مباشر خلال عام 2025.

يقول ناثانيال ريموند، من مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل: “قمنا بمحاولات متواصلة لتحذير المجتمع الدولي من أن الهجوم الشامل على زمزم وشيكٌ ولا مفر منه.”

📌يقول مصدر في الأمم المتحدة: “كان هناك التزام أخلاقي على مؤتمر لندن أن يكسر الحصار.”
لكن كان هناك عائق واضح: من بين الدول العشرين المدعوة إلى القمة، كانت دولة الإمارات – أحد أبرز الشركاء الاقتصاديين الذين تسعى إليهم الدول الغربية.

📌يقول خبير في الأمم المتحدة: “كان يمكن لديفيد لامي أن يستغل نفوذه ليخبر نظيره الإماراتي بإلغاء الهجوم الشائن على معسكر النازحين: ‘إذا لم تفعلوا، فلن تتم دعوتكم إلى لندن.’”

📌وفي الواقع، تشير المصادر إلى أن الإمارات سبق أن تدخلت لمنع مجزرة أخرى.
ففي يونيو 2024، تقول المصادر إن أبوظبي اتصلت بحميدتي و”أمرته بالتراجع” عن هجوم كان مُخططًا على مدينة الفاشر، وذلك بعد أن أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا يطالب مليشيا الدعم السريع بوقف القتال في محيط زمزم والفاشر، المدينة المجاورة.

📌بدأت عمليات تفتيش من منزل إلى منزل. وكان يتم إعدام السكان ميدانيًا دون تردد. تيسير عبدالله رأت عمّتيها وبناتهما الصغيرات يُقتلن داخل منزلهم قرب السوق المركزي.

📌مريم شاهدت المليشيا تقتحم منزل شقيقتها. قالت: “سحبوها للخارج وقتلوها. ذبحونا مثل الحيوانات.”

📌كان مقاتلو الدعم السريع يعرضون الرشى للحصول على معلومات عن مكان هنادي. يقول إسماعيل إدريس، أحد أقاربها المقيمين في مدينة ريدينغ البريطانية: “كانوا يعرضون مبالغ ضخمة.”

📌اقترب المهاجمون من الموقع الجديد لهنادي: مركز صحي مؤقت شمال السوق. يقول هشام محمد، الذي كان يقاتل إلى جانبها: “قالت لنا: ’موتوا بشرف. أنا باقية هنا حتى النهاية.‘”

📌في تلك اللحظات، كان معظم سكان زمزم يفرّون شمالًا. سقطت القذائف على العائلات الهاربة. صعد قناصة الدعم السريع إلى الأشجار، وبدأوا قنص المدنيين.

📌لكن في الأحياء الجنوبية من زمزم، حمل الليل معه الرعب. كان المسلحون يتجولون في الشوارع المدمّرة، يبحثون عن نساء لاختطافهن. وفي أحياء الحمادي والكَرَبة، بدأت جرائم الاغتصاب.

📌في مناطق أخرى، تحرك السكان نحو حي سلومة، شمال المعسكر. مرّ الكثيرون بالمركز الصحي المؤقت، حيث كان المتطوعون يقاتلون لإنقاذ هنادي.

📌وفي لندن، ومع حلول الليل، كانت الأجواء وسط العاملين في المجال الإنساني مشحونة ومتوترة. كانت هناك محاولات مستميتة للضغط على مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية لإصدار بيان بشأن مجزرة زمزم قبل انعقاد القمة – لكنها باءت بالفشل. يتذكر أحد أبرز خبراء حقوق الإنسان قائلًا: “الجميع كان غاضبًا، يسأل: ’أين لامي؟‘”

📌يقول أحد كبار العاملين في المجال الإنساني: “أدلة الإبادة الجماعية قوبلت بجملة: ’شكرًا على مشاركتكم. أبقونا على اطلاع.‘”

📌شعر كثيرون أن توقيت الهجوم، قبيل انعقاد القمة، لم يكن مصادفة. يقول محقق في الأمم المتحدة: “كان الاستفزاز فوق كل الحدود. وكأن مليشيا الدعم السريع – ومعها من يُتهمون بدعمها، الإمارات – تقول: ’هيا، أرونا ما يمكنكم فعله.‘”

📌اهتز معسكر زمزم مرة أخرى تحت قصف مدفعي عنيف. أحصى أحد السكان سقوط 250 قذيفة. وبدأ عشرات الآلاف من السكان بالتحرك نحو حي سلومة.

غادرت نفيسة منزلها في حي جفالو لتجد دمارًا شاملًا. قالت: “رأيت 18 جثة، من بينها طفل قُتل بالقصف.”

📌قالت: “لم يحاولوا حتى الكلام. فقط يطلقون النار على أي شخص.”

📌”رأيتهم يقتلون ستة مدنيين؛ خمسة شبان وشخص يزيد عمره عن 80 عامًا”.

📌يقول جمال: “دخلوا ورأوا الأغنام وأخذوها ونسوا من كان في المنزل. لكنهم كانوا يقتلون أي شخص، حتى الأطفال. قُتل ابن عمي بهذه الطريقة”.

📌تقول حليمة: “قبل أن يتكلموا، أطلقوا النار على ابني البالغ من العمر 16 عامًا في رأسه. هاجمت الشخص الذي أطلق النار، لكن أربعة رجال أمسكوا بي: اثنان من ساقي، واثنان من يدي. الرجل الذي قتل ابني اغتصبني”.

📌ثم اغتصبوا بناتها المراهقات. “كنت أسمع صرخاتهن، وخاصة ابنتي الصغرى التي كانت تبلغ من العمر 13 عامًا. بعد ساعة ونصف، غادرت [قوات الدعم السريع]”.

📌بدأت التقارير تظهر عن إعدام أطفال. في إحدى الروايات، تجمعت قوات الدعم السريع في كوخ من القش في غرب زمزم. كان العديد من الرضع مختبئين في الداخل. وقف المقاتلون عند المدخل و “فتحوا النار على الأطفال”.

📌كان من المتوقع، مع بداية عطلة نهاية الأسبوع، أن يصدر ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطاني، بيانًا قويًا وسريعًا بشأن مجزرة زمزم. تبادل الخبراء في توثيق الفظائع رسائل عبر “واتساب” مع مسؤولين في وزارة الخارجية، يحثون فيها الوزير على التحرك.

📌يقول مصدر على تواصل متكرر مع مستشاري لامي: “زمزم كانت الإطار الذي فرض نفسه على المؤتمر. هل كانوا يتعمدون تجاهله؟”

📌يقول أحد أبرز المحللين في حقوق الإنسان: “في نهاية المطاف – بالقلم والسيف – كانت مليشيا الدعم السريع تفعل ما تشاء في زمزم، بينما كانت الإمارات تفعل ما تشاء في لندن. كلا الطرفين كان يعمل في انسجام لإبقاء مشروع إبادي قائمًا.”

📌حلّ الظلام، ولم يصدر أي رد فعل من المملكة المتحدة. وبالمثل، لم تتم الدعوة إلى أي اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي.
كان من يتابعون الفظائع في زمزم من لندن يشعرون بعجز تام. جاء في إحدى رسائل واتساب: “أنقذونا! هذا جحيم!”

📌ثم حدث شيء. نشر ديفيد لامي تغريدة قال فيها: “تقارير صادمة من دارفور”، مضيفًا أنها تمنح زخمًا للمؤتمر المرتقب. واختتم بالقول: “على جميع الأطراف الالتزام بحماية المدنيين.”

📌يقول إبراهيم: “بدأت مليشيا الدعم السريع بتقسيم الناس حسب انتماءاتهم العرقية وبُنيتهم الجسدية. وبدأوا بالشباب.”
طُلب من الرجال الاصطفاف في طابور. لا يُعرف عدد الذين أُعدموا، لكن إبراهيم يؤكد: “تم إعدام عدد كبير منهم رميًا بالرصاص.”

📌وسط هذا الفوضى العارمة، فقدت بخيت ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات. وبحالة من الذعر، بدأت تجرّ قدمها المصابة وتتجه جنوبًا بحثًا عنه. وكانت الجثث متناثرة في كل مكان.
تقول بخيت: “كانت رائحة المركبات كريهة، وكانت الجثث لا تزال بداخلها.” وأضافت: “أحد قادة الدعم السريع قال: ‘ارموا الجثث في الخور.'”
صور الأقمار الصناعية تؤكد حجم الدمار الواسع. وبينما كانت زمزم تشتعل بالنيران، بدأت وحدات مليشيا الدعم السريع في قصف مدينة الفاشر.

📌وكانت الكراهية العرقية واضحة في المعاملة؛ إذ كان يُطرح على النازحين سؤال بلغة الزغاوة: “كيف حالك؟” ومن يجيب كان يُضرب على الفور.

📌ورغم الجحيم، نُقلت شهادات عن أفعال إنسانية نادرة؛ فقد حمل الغرباء آلاف الأطفال وكبار السن على ظهورهم طوال الطريق.

📌في 15 أبريل، لم يخصص ديفيد لامي اليوم للسودان، بل وجد وقتًا للقاء سري مع نظيره الإسرائيلي. ورفضت الخارجية البريطانية توضيح مكان اللقاء أو مدته أو سببه.
يقول دبلوماسي بمرارة: “لماذا لم يُخصص كل وقت الوزير في ذلك اليوم لحماية المدنيين في السودان؟”

📌عبد الله أبو قردة، من رابطة دارفور بالمملكة المتحدة، يرى أن مجزرة زمزم تؤكد أن بريطانيا فضّلت النفوذ الاقتصادي للإمارات على حساب حقوق الإنسان.

📌وبعد أسبوع، أصدر لامي بيانًا وصف فيه الهجوم بأنه يحمل “سمات التطهير العرقي”. ومنذ ذلك الحين، لم يصدر عنه أي بيان رسمي آخر بشأن السودان.

📌بعد 37 يومًا من سقوط زمزم، أعلنت المملكة المتحدة رغبتها في إبرام اتفاق تجاري مع الإمارات.

📌يرى محققو الأمم المتحدة أن “التهجير القسري المتعمّد” كان هو الدافع وراء الهجوم. فيما يرى آخرون أن المعسكر نُهب لتوفير رواتب مقاتلي الدعم السريع. أما السكان، فهم مقتنعون بأن هدف المهاجمين كان “إبادتهم”.

📷لكن مجزرة عرقية أخرى تلوح في الأفق. مدينة الفاشر – التي يتجاوز عدد سكانها المليون – محاصرة، تتضور جوعًا، وتتعرض لهجوم متواصل من مليشيا الدعم السريع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.