آفريكا إنتلجنس: تكشف عن شبكة معقّدة تقودها سلطة الإمارات العربية المتحدة إنطلاقًا من مطار بوصاصو في الصومال

0

آفريكا إنتلجنس: تكشف عن شبكة معقّدة تقودها سلطة الإمارات العربية المتحدة إنطلاقًا من مطار بوصاصو في الصومال، تُستخدم لتسليح مليشيا الدعم السريع ،في السودان، وتوفير الدعم اللوجستي والعسكري لها، بما في ذلك المرتزقة الأجانب والأسلحة المتقدمة:

في تقرير نشرته صحيفة Africa Intelligence بتاريخ 1 يوليو 2025، كُشف النقاب عن شبكة معقّدة تقودها دولة الإمارات العربية المتحدة انطلاقًا من مطار بوصاصو في الصومال، تُستخدم لتسليح مليشيا الدعم السريع في السودان، وتوفير الدعم اللوجستي والعسكري لها، بما في ذلك المرتزقة الأجانب والأسلحة المتقدمة.

لم يعد سكان مدينة بوصاصو الساحلية يُفاجَأون بصوت الطائرات العملاقة من طراز إليوشن IL-76 التي تحلّق بانتظام في سماء مدينتهم. هذه المدينة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 700,000 نسمة وتقع على شواطئ خليج عدن في منطقة بونتلاند شمال شرق الصومال، كانت قبل أقل من عشر سنوات تضم مدرجًا ترابيًا بسيطًا. لكن الإمارات سارعت إلى تحديثه، لتُحوّله إلى مركز استراتيجي يخدم أجنداتها العسكرية في القرن الإفريقي والسودان.

منشأة عسكرية بغطاء مدني

منذ يناير 2021، تدير شركة إماراتية تُدعى شركة مطار بوصاصو الدولي (BIAC) الجزء المدني من المطار. BIAC تابعة لمجموعة Terminals Holding المرتبطة بالعائلة الحاكمة في أبوظبي، ويمتلك صندوق أبوظبي التنموي القابض، الذي يرأسه طحنون بن زايد، الحصة الكبرى في الشركة الأم.

هذه العلاقة سهّلت على الجيش الإماراتي تجهيز منشأة عسكرية مغلقة داخل المطار بين عامي 2023 و2024، لا يُسمح بدخولها سوى للجنود الإماراتيين، وتضم حظائر طائرات مسيّرة كانت تُستخدم سابقًا ضد تنظيم داعش في الصومال، ثم أعيد توظيفها لدعم مليشيا الدعم السريع في السودان.

جسر جوي إلى دارفور

منذ بداية الحرب في السودان، تحول مطار بوصاصو إلى محطة رئيسية في جسر جوي ينقل السلاح والمقاتلين إلى قوات حميدتي. تُستخدم شركتا نيو واي كارغو وجيوان للطيران لنقل الشحنات من قواعد جوية إماراتية مثل الظفرة والريف، مرورًا ببوصاصو، ثم إلى نجامينا أو نيالا أو حتى ليبيا.

شركة جيوان للطيران، رغم تسجيلها في قيرغيزستان، مملوكة فعليًا لشركة إماراتية تابعة لمجموعة NG9 المرتبطة بحمدان بن زايد من خلال تكتله إثمار الدولية القابضة. وتُظهر خطط الطيران أن هذه الطائرات تُقلع مباشرة من القواعد العسكرية، وتُطفئ أجهزة التتبع عند الاقتراب من السودان.

في مايو 2025، استقر عدد الرحلات على نحو 15 رحلة شهريًا، بعد أن بلغ ذروته عند ثلاث رحلات يوميًا خلال الهجوم الكبير لقوات الدعم السريع مطلع 2024.

المرتزقة الكولومبيون من بوصاصو إلى نيالا

كشفت صحيفة لا سيلا فاسيا الكولومبية أن مئات المرتزقة الكولومبيين العاملين مع شركة GSSG الأمنية الإماراتية انتقلوا إلى السودان عبر بوصاصو، حيث أقاموا في معسكر داخل المطار قبل أن يُنقلوا إلى دارفور. بعضهم شارك سابقًا في تدريب شرطة بونتلاند البحرية، وهي قوة أنشأتها الإمارات منذ 2010.

في 3 مايو 2025، شنّ الجيش السوداني غارة بطائرات بيرقدار TB2 على مطار نيالا، استهدفت طائرة كانت تقلّ مقاتلين أجانب. الضربة أثارت غضب الإمارات، التي ردّت بقصف منشآت في بورتسودان، معقل حكومة البرهان، لستة أيام متواصلة. وبدورها، ألمحت حكومة السودان إلى أن هذه الضربات قد تكون انطلقت من شمال الصومال.

نفوذ سياسي واقتصادي في بونتلاند

تحظى الإمارات بنفوذ واسع في بونتلاند، حيث تدير شركة موانئ دبي العالمية ميناء بوصاصو منذ 2017، ويحظى رئيس الإقليم، سعيد عبد الله ديني، بدعم مباشر من أبوظبي. وقد سهل ديني هذا التمدد العسكري والسياسي للإمارات، خاصة بعد رفضه الاعتراف بسيادة الحكومة الفيدرالية في مارس 2024. وبدعم إماراتي، التقى ديني بالرئيس المتنازع عليه لولاية جوبالاند، أحمد مدوبي، في مايو الماضي – ليس في الصومال، بل في أبوظبي.

خيوط السلاح والطمع في الذهب
تواصل الإمارات إنكار دعمها لمليشيا الدعم السريع، لكن الأدلة المتزايدة تُظهر عكس ذلك:

📌أسلحة بلغارية وصينية كانت في الأصل بحوزة الجيش الإماراتي عُثر عليها في دارفور في أيدي عناصر مليشيا الجنجويد، بحسب تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 15 أبريل 2025.

📌مرتزقة كولومبيون تم نقلهم جوًا من أبوظبي للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع في السودان.

📌مستشفى ميداني تديره الإمارات في مدينة أمجرس شرق تشاد، يتلقى كميات ضخمة من المعدات العسكرية المخصصة لمليشيا حميدتي.

ويرى مراقبون أن الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع يهدف في جوهره إلى حماية مصالح أبوظبي الاقتصادية في السودان، خصوصًا السيطرة على الذهب والسلع الزراعية.

صمت عالمي تموّله الثروة

ما يتكشف اليوم هو صورة مقلقة: قوة خليجية تستغل هشاشة القرن الإفريقي لبناء شبكات تسليح تُغذي النزاع في السودان وتُعقّد سبل السلام. الأسلحة والمرتزقة الذين يعبرون من بوصاصو ليسوا مجرد أدوات قتال، بل أدوات لارتكاب الجرائم وإطالة أمد المأساة.

والأخطر من ذلك، أن الإمارات تستخدم ثروتها الهائلة لاختراق الإعلام والرياضة وحتى دوائر الحكم العالمي. من أبرز الأمثلة استثمار صندوق إماراتي 100 مليون دولار في شركة العملات الرقمية World Liberty Financial المرتبطة بعائلة ترامب، عبر Aqua 1 Foundation. وفي الوقت نفسه، تضخ شركة MGX الإماراتية قرابة 2 مليار دولار من خلال “ستابل كوين” إلى منصة Binance، التي تعمل الآن من دبي، رغم خضوعها لغرامات بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة بسبب قضايا غسل أموال.

هذه ليست مجرد صفقات، بل أدوات للتأثير السياسي وتمويل النزاعات بعيدًا عن أعين الرقابة، بينما يعاني السودانيون من واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.