القصف، الجوع، الإهانات – رويترز تسلّط الضوء على مأساة الفاشر المحاصرة

0

ترجمة د/ يوسف عز الدين
إعداد: الطيب صديق، نفيسة الطاهر، وخالد عبد العزيز
الدبة – السودان، 9 سبتمبر (رويترز) – مع اشتداد حصار مليشيا الدعم السريع حول مدينة الفاشر، يصف القليل ممن استطاعوا دفع المال للهروب حياتهم تحت قصف مستمر واضطرارهم لمواجهة العنف عند نقاط التفتيش لمغادرة مدينة اضطر سكانها إلى أكل أعلاف الحيوانات.

في الأسبوع الماضي، وجدت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أن مليشيا الدعم السريع ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في الفاشر، آخر معقل للجيش السوداني في إقليم دارفور بغرب السودان.

وقالت دار السلام حامد، وهي إحدى الناجيات: “سماع ما يحدث لا يقارن أبداً بعيشه”. وأضافت أنها وعائلتها عندما قرروا أخيراً المغادرة، فتشهم جنود الدعم السريع بعنف وتم سلبهم على الطريق. وأوضحت لرويترز من معسكر في الدبة، وهي منطقة تحت سيطرة الجيش: “نتمنى حقاً ألا نلتقي بهؤلاء الناس مرة أخرى أبداً”. ولم يرد الدعم السريع على طلبات التعليق.

عامان ونصف من الحرب بين مليشيا الدعم السريع شبه العسكرية والجيش خلقت ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم داخل السودان، مع اتساع رقعة المجاعة في أنحاء البلاد، بما في ذلك الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

أصبحت المدينة خط مواجهة رئيسي في الحرب، إذ يسعى الدعم السريع لتثبيت سيطرته على دارفور كقاعدة لحكومة موازية. وقد أدى قادة تلك الحكومة اليمين الشهر الماضي، وبدأوا يوم الاثنين في تعيين الوزراء. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فرّ نحو نصف مليون شخص من الفاشر منذ بدء القتال هناك في مايو 2024، فيما لا يزال 270 ألفاً عالقين داخلها.

مجازر جماعية
أحمد حاج علي وعائلته غادروا المدينة الأسبوع الماضي، ووصلوا قبل أيام قليلة إلى الدبة، حيث تحدث مراسل رويترز مع أكثر من عشرة فارين. قال أحمد: “الوضع كارثي، هناك قصف على مدار 24 ساعة من كل الاتجاهات”، موضحاً أن الناس يموتون بالعشرات، وأن المستشفيات مكتظة بالمصابين دون وجود شاش لوقف نزيفهم.

ما يزال الجيش وقواته المشتركة المتحالفة يسيطرون على الفاشر.

مؤخراً، وسّع الدعم السريع السواتر الترابية التي يبلغ طولها 31 كيلومتراً المحيطة بجزء كبير من المدينة، مما صعّب أكثر على المدنيين الخروج، وأجبر المهرّبين على نقل الإمدادات الغذائية سيراً على الأقدام، بحسب ما قال أحد السكان الذين طلبوا عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية. ونتيجة لذلك، ارتفع سعر وعاء الدخن – الغذاء الأساسي الذي يكفي وجبة لـ3-5 أشخاص – إلى أكثر من 35 دولاراً، بينما وصل سعر رطل السكر (450 غراماً) إلى نحو 20 دولاراً. كما ارتفع سعر “الأمباز”، وهو نوع من أعلاف الحيوانات الذي لجأ إليه معظم السكان، ستة أضعاف وأصبح نادراً، وفق السكان.

المجاعة والاعتداءات الجنسية
ووجدت بعثة تقصي الحقائق الأممية أن الدعم السريع في الفاشر “ارتكب جريمة حرب باستخدام التجويع عمداً كوسيلة للحرب”، وأن حرمان الناس من الوصول إلى الغذاء وتدمير المستشفيات ومنع المساعدات الإنسانية “قد يرقى أيضاً إلى جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة”.

وفي بيان الأسبوع الماضي، قالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة إن الاغتصاب والاعتداءات الجنسية استُخدمت كسلاح حرب في شمال دارفور. وأضافت: “النساء الحوامل يلدن بأيدي قابلات غير مدربات وبدون أي وصول إلى رعاية توليدية طارئة”.

وقال الناجي علي إنّه وأخاه تعرضا للضرب عند نقطة تفتيش عندما غادرا الفاشر فجراً “بسبب الظروف … القصف، والإهانات، وأشياء كثيرة أخرى”. وأوضح أن الخروج أصبح ليس فقط خطيراً بل ومكلفاً أيضاً، إذ كلفه 5 ملايين جنيه سوداني (حوالي 1600 دولار)، بينما يكاد لا يملك أحد أي مال. وحوّل أفراد مليشيا الدعم السريع عمليات الإجلاء، مثل التهريب، إلى تجارة جانبية.
وأضاف: “لهذا السبب يُجبر الناس على البقاء هناك. لقد تركناهم خلفنا”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.