الإبادة الجماعية الصامتة في السودان: شهادات الحقيقة ونداء للمساءلة:

0

الإبادة الجماعية الصامتة في السودان: شهادات الحقيقة ونداء للمساءلة:

الحقيقة- جنيف – في 18 يونيو 2025، إستضاف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فعالية جانبية قوية بعنوان “الإبادة الجماعية الصامتة في السودان” في مدينة جنيف. جمعت الفعالية شهودًا وخبراء ومحللين سلطوا الضوء على الفظائع التي إرتكبتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين السودانيين — وهي فظائع تم تجاهلها أو التخفيف من حدتها من قبل المجتمع الدولي.
وكان من بين المتحدثين الرئيسيين السيد يسلم إبراهيم الطيب، وهو أحد الناجين من الأسر لدى مليشيا الدعم السريع ومؤسس منصة الرواية الصحيحة( The right Narrative). قدم يسلم شهادة مؤلمة تنقل معاناة الشعب السوداني بصورة مباشرة، إلى جانب تحليلات قيّمة من الصحفي أوسكار ريكت، الباحث في موقع ميدل إيست آي، ومن الدكتور ماثيو هيدجز، الأكاديمي المتخصص في الدراسات الأمنية.

بدأت الفعالية بكلمة السيد أوسكار ريكت، الصحفي والباحث في ميدل إيست آي، الذي قدم عرضًا شاملًا لتطور النزاع في السودان. أوضح أن ما يتم تصويره كـ”صراع بين جنرالين” هو في الحقيقة أزمة أكثر تعقيدًا تغذيها أطراف خارجية تسعى لتدمير الدولة السودانية.
سلط ريكت الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في تمويل وتسليح قوات الدعم السريع، محذرًا من أن هذا التدخل الأجنبي يحوّل الصراع من خلاف داخلي إلى حرب وكالة على أرض السودان.

*الإمارات وزعزعة الاستقرار في المنطقة*
فيما تحدث الدكتور ماثيو هيدجز، المتخصص في الدراسات الأمنية والذي كتب أطروحته للدكتوراه حول عائلة آل نهيان الحاكمة في أبوظبي. قدم تحليلاً معمقًا للدور المتزايد الذي تلعبه الإمارات في زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
استعرض هيدجز نمطًا واضحًا: من ليبيا إلى اليمن، ومن إثيوبيا إلى السودان، تسعى الإمارات إلى دعم الميليشيات المسلحة والانقلابات، لتوسيع نفوذها الاقتصادي والعسكري. وأشار إلى أن مليشيا الدعم السريع أصبحت أداة في يد الإمارات لتنفيذ مخططاتها، محذرًا من أن صمت المجتمع الدولي تجاه هذه الجرائم يعتبر تواطؤًا واضحًا.
قال هيدجز:
*”حين تشتري الأموال الصمت، تصبح العدالة عاجزة، ويُترك الضحايا للنسيان.*”

*شهادة مؤلمة: السيد يسلم إبراهيم الطيب*
أقوى المداخلات في الفعالية كانت شهادة السيد يسلم إبراهيم الطيب، أحد أوائل المدنيين الذين تم أسرهم من قبل مليشيا الدعم السريع عند اندلاع الحرب في أبريل 2023. روى ما شاهده من قتل وتعذيب واغتصاب ارتكبته قوات الدعم السريع بحق المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال.
وأوضح أن أكثر من 12.5 مليون شخص نزحوا قسرًا، فيما تأثر أكثر من 25 مليون سوداني بشكل مباشر نتيجة هذه الحرب، وفقدوا منازلهم وممتلكاتهم وأمنهم . كما كشف السيد يسلم أن أكثر من 150 ألف مدني قتلوا في هذه الحرب، إلى جانب أكثر من 10 آلاف حالة اغتصاب، من بينها اغتصابات جماعية.
وأكد يسلم أن هناك فتيات تم اختطافهن من الجزيرة والخرطوم ومناطق وبيعهن كعبيد للجنس والبغاء في مناطق مثل دارفور وتشاد والنيجر وأفريقيا الوسطى، وسط صمت عالمي مخزٍ تجاه هذه الجرائم التي تمثل أبشع أشكال الاتجار بالبشر والانتهاك الجنسي.
وأشار إلى أن هذه الجرائم الممنهجة تُظهر أن ما يحدث في السودان ليس مجرد فوضى داخلية، بل هو عدوان مدعوم خارجيًا يسعى لتدمير المجتمع السوداني من الداخل وتفكيكه اجتماعيًا ونفسيًا.
وأكد يسلم أن ما يحدث ليس مجرد صراع داخلي، بل حرب بالوكالة تُشن على السودان من قِبل قوى خارجية، وبالتحديد الإمارات العربية المتحدة التي تستخدم مليشيا الدعم السريع ومرتزقة أجانب في محاولة لتدمير الدولة السودانية.
*”هذه ليست حربًا بين جيشين أو جنرالين. إنها عدوان على السودان تقوده ميليشيا ممولة ومدعومة من قوى أجنبية.”*
*وأوضح أن القوات المسلحة السودانية لا تقاتل وحدها، بل يساندها الشرطة السودانية وجهاز المخابرات والمواطنون السودانيون الذين تطوعوا لحماية وطنهم. وبالتالي فإن توصيف الحرب على أنها “حرب بين طرفين” هو تزوير للواقع ويخدم مصالح أعداء السودان.*

*التضليل الإعلامي وخطورة الانحياز*
حذّر يسلم من خطورة التضليل الإعلامي والدبلوماسي، مؤكدًا أن تصوير الحرب كصراع داخلي أعطى الغطاء لقوات الدعم السريع وللدول التي تمولها، ومنع المجتمع الدولي من اتخاذ موقف حاسم.
كما انتقد بعض القوى السياسية السودانية التي — بحجة معارضة السلطة — تقوم بتبرير أفعال الإمارات والدفاع عن الدعم السريع، وهو ما أدى إلى تضليل الكثير من الفاعلين الدوليين وإرباك الرؤية حول حقيقة ما يحدث.
“أن تعارض النظام لا يعني أن تدعم عدوًا خارجيًا يحتل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.